مقابلة الـ CNN

 

مقابلة ال CNN

 

 

وصل الضيف ومرافقيه إلى الصالون.
دخل شيخنا رحمه الله مرحِّبًا بهم، فردوا تحيته.
قال المدير مباشرة:
جئنا لنسمعك فيما يحدث في هذا العصر، ولقد حدثونا كثيراً عن حكمتك ونظرتك للمستقبل.
اعتدل شيخنا في جلسته وقال معاتباً:
يقال إن هذا العصر عصر التقدم البشري!!
هل استطاع هذا القرن أن يصنع الإنسان الإنساني؟
السباع لا تؤذي ولا تهاجم بعضها،
ما نراه الآن من عدوان القوي على الضعيف لا تفعله كثير من الوحوش والحيوانات.
الآن الغرب يدمر إنسان الشرق وينهبه.
الحيوان الوحش لا يتجاوز سلاحه أظافره وأنيابه،
الوحش أظافره قصيرة ووثبته محدودة،
الآن يقفزون من قارة إلى قارة لتدميرها، فسلاحهم تجاوز ملايين الأميال.
نظر الضيف إلى شيخنا قائلًا:
برأيكم ما العمل؟؟؟
ما العمل لإعادته إنساناً بروحه وأخلاقه كما هو إنسان بجسده؟؟
ما الفائدة من جسد إنسان وروح وحش؟؟؟
قال شيخنا:
أعتقد أن للإعلام دوراً كبيراً في ذلك، ولكن إذا هُيِّئ لميدانه الأكفاء عقلانياً وروحيّاً عندها سيحل السلام بين البشر.
الإنسان الآن غارق في خدمة جسده وشهواته وعدوانيته على الآخرين.
فإذا صار روحاً وجسداً وعقلًا وقلباً مع تعاليم الله، لن يتحقق السلام فقط، بل سيتحقق الحب والتعاون والإخاء، كما ذكر رسولنا الكريم ﷺ:
“مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم، مثلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.” رواه البخاري ومسلم
الآن الإنسان يصنع تلك الأسلحة ليدمر حياة الإنسان والحيوان وحتى النبات، ويجعل الكرة الأرضية مثل أرض القمر، مساحة فقط ولا حياة.
سأل الضيف مهتمًا:
هل هذا الخطر محتمل؟؟؟
وضع شيخنا يده على جبينه وأغمض عينيه، ثم قال:
نعم، ولكن إذا وجد إعلام هادف كما ينبغي، فهو أعظم قوة على هذا الكوكب في حياتنا الآن يمكن أن تتغير الأمور.
لأن هذا الإعلام الآن – لسوء الحظ – كالسياسيين: ولو أن بعضهم صالح وأغلبهم طالح.
قال الضيف بسرعة:
نحن أيضًا نتمنى أن نكون من الصالحين.
وأردف: نحن لا ندعي الكمال، ولكن نأمل أن نصل إليه.
قال شيخنا رحمه الله بصوت هادئ:
الأمل شيء، وتحقيقه شيء آخر.
أود أن كل الإعلام يعتني ليس بما يفهمه ويحدث به رجل الدين المتعصب، بل بالإيمان الحقيقي، عطية السماء.
أهدانا الله العظيم تلك النعمة، فماذا صنع الإنسان بها؟ وكيف حرَّفها وشوَّهها؟
كان الإنسان ذرّة لا تراها العيون فتحول إلى وحش يدمر الكون.
ومادام العدوان على الضعيف، فلابد لكل عمل من ردة فعل؛
وتحل الفوضى والحروب، وما تدعونه إرهاباً حقيقته دفاع عن النفس.
صارت حياة العالم مهددة بالفناء
بوجود الأسلحة الجرثومية والكيميائية والنووية،
وقد فعلوها والآن يفعلونها.
ثم رفع يديه شيخنا داعياً الله أن يُلهم الأقوياء أن لا يغتروا بقوتهم،
وأن يعودوا إلى العقل وإلى تعاليم الله،
وليس هذا للمصلحة الإعلامية، بل لمصلحة الإنسان، كل الإنسان،
ولمصلحة الحياة، وكل أنواع الحياة والأحياء.
نستطيع بتعاليم الله العظيم أن نجعل من كوكبنا الأرضي كوكب السعادة،
فالأنبياء كلهم جاؤوا ليصنعوا الإنسان الفاضل السعيد والمسعد،
وهذا جوهرُ كلّ الأديان.

نستطيع بتعاليم الله العظيم أن نجعل من كوكبنا الأرضي كوكب السعادة

ولو ملك الأنبياء وسائل الإعلام ما يملكه إنساننا المعاصر،
لجعلوا العالم بيتاً واحداً تسكنه عائلة واحدة تنعم بالحب والإخاء.
نظر الجميع بإعجاب إلى شيخنا.
تابع شيخنا:
العالم الآن، وفي كل آن، معرض للخطر والفناء،
ويجب أن نشترك معاً لإنقاذ الإنسانية، وأجرنا كبير عند الله.
وربنا تعالى يقول:
” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”،
يعني تعاونوا على ما يسعدكم جميعاً.
سرَّ الضيوف وشكروا شيخنا، وقدم لهم شيخنا كتاب محاضراته. “The Way of Truth