دارهم مادمت في دارهم
كان عندنا قطة جميلة شعرها ناعم وطويل، وكانت عندما ترى شيخنا تلاحقه وتسير معه، وإذا جلس تجلس بجانبه، وإذا غادرته أنا لأحضر كتاباً أو شيئاً انتهزت فرصة عدم وجودي لتقفز إلى حضنه ويحادثها شيخنا ويمسح على ظهرها فتنام في حضنه وكأنها فرصتها لترتاح.
عندما أعود وأراها قد استسلمت للنوم أحس بضيق منها فأناديها وأؤنبها: اذهبي اذهبي يا غليظة، فتقفز بعيداً، فينظر لي شيخنا بعتاب ويقول: (أحسست بتنميل في رجلي ومع ذلك لم أحركها حتى لا أزعجها في نومها، وجئت أنت بقسوة فأيقظتها!).
فأقول متضايقة: إن القنباز يتسخ من شعرها.
فيقول ضاحكاً:
(سبحان الله، سبحان الله، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ»([1])).
بعد ذلك صارت القطة تهرب بعيداً كلما رأتني فيقول لي شيخنا: (انظري إنها تترك لك المكان، سبحان الله أحسَّت بعدم رغبتك بها، “ودارهم ما دمت في دارهم”).
حتى الكلب الذي في المزرعة كان يلازمنا عندما نسير، وكان شيخنا يحنو عليه ويداعبه ويسلم عليه ويطعمه بيده ويوصي به إذا سافر.
كنت أخاف منه كثيراً ولكن شيخنا حاول أن يكسر خوفي، ويجعلني ودودة له حتى ألفني وصار يلازمني عندما أمشي وحدي وكأنه يحرسني من الآخرين.