الصبر شطر الإيمان
ربيع 1998
في السنوات الأولى من زواجنا اعتدت المشي في المزرعة أثناء قيلولة شيخنا مع مجموعة من الأخوات، وذات يوم زارتنا ابنة شيخ كبير من جامعنا تمشيت معها ولمحت في وجهها الحزن سألتها بحنان ما بك؟
فانفجرت بالبكاء وأخبرتني عن حياتها الزوجية الفاشلة التعيسة التي تعانيها وتابعت، لقد أخذ ابني معه إلى زوجته الجديدة وعندما لحقته لأمنعه أسرع بالسيارة فوقعت وأنا أحاول أن أتمسك بالسيارة وجرحت ولم أعد أرى ابني.
انزعجتُ مما سمعتُ وبكيتُ معها وإذ بأحد الشباب يخبرنا بأن شيخنا استيقظ حملت له كأس الشاي الأخضر بالنعناع المحبب له ودخلت عليه وفي وجهي أسى سألني ما بك؟
أخبرته بزيارة الأخت (بنت الشيخ الفلاني) وأنها تعيسة جداً ثم ناديتها وحدثتْه بما جرى وكنت أبكي معها وهي تتكلم.
واساها شيخنا وقال: اصبري يا بنتي ليس بعد العسر إلا اليسر ألا تصدقين الله { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا }([1]).
يا بنتي الصبر شطر الإيمان فلا تفقدي صبرك والتصبر مع الصبر إذا كنت مع الله فلا شيء يغلبك.
الصدق مع الله يثمر نجاحاً فوق قدرات العقل والتفكير مع الله يعني مع مخططه لأن مخطط الله ناجح دوماً، وضع يده على رأسها ودعا لها، وخرجت بوجه مستبشر وقلب مطمئن، شكرتني كثيراً، وعدت إلى شيخنا وأنا أخبره عن ألمها فقال لي:
بابا الداعي إلى الله يشعر بشعور الآخرين ويرأف بهم ولكن لا يجعل نفسه جزءاً من المشكلة بل ينظر إليها بعين قلبه بعيداً عنها، فيراها من بعد فيستطيع حلها، والحل يكون عندما ينظر الإنسان من جوانب المشكلة ويُوحِدُ البدائل والحلول، المفتاح بيدها وهذا تحفيز لها للخروج من مشكلتها التي لن تتغير لأننا دائماً نظن أن لا خيار لنا والغير يقرر لنا نحن لنا إرادة ووجود ومسؤولية نحن لنا مشيئة وحرية واختيار، ولنا قرار علينا أن نأخذه فلنعمل عقولنا ضمن تعاليم الله فإنها أنفع وأخطر قوة، يعيش الإنسان بلا تعاليم الله، تحت وطأة الأنا التي تخيف أكثر من زوجها.
أكثري من ذكر الله حتى تعشقي الله محبة الله ليس لها حد، عندما يفتح الله عين قلبك تعرفي طريقك.
ثم خرجت إليها سألتها عن دراستها وكانت قد أنهت دراستها في كلية الدعوة طلبت منها أن تعادل شهادتها وتسعى لإيجاد عمل وتشغل نفسها، وتكون مع الله ولا تخاف.
وسبحان الله بعد مدّة لم نتصور أن تعادل شهادتها، ولكن استطاعت ذلك وبدأت بالدعوة إلى الله في أحد المساجد وصارت من الداعيات ولها من الأخوات ما أنساها مشكلتها، وأعاد زوجها لها ابنها وتكفل ببعض حاجاتها وتمالكت نفسها، ولكن كانت قد وقفت على قدميها.