Skip to content
الحضارة الغربية عرجاء

الحضارة الغربية عرجاء

الشيخ أحمد كفتارو مع روجيه غاروديلقاء مع روجيه غارودي (2) 31/7/1996

جلسنا مع الدكتور رجاء غارودي وزوجته سلمى الفاروقي، حضرت الجلسة الأخت سوسن سلوم وبعض الأخوات والإخوة فبادر الدكتور روجيه قائلاً: أنا مدين لسماحة المفتي ليس لأنه استضافني في بيته فحسب بل لأنه علمني الكثير فقد اطلعني منذ سنوات على شروط تطبيق حد السرقة، وعلى حديث أبي داود وبفضله كنت أنقل هذه المعلومات والأحاديث كثيراً في مقابلاتي ودفاعي عن الإسلام.

اعتدل شيخنا في جلسته قائلاً: لم يشرع الله قطع اليد لتكون محنة أو بلاءً على الإنسان بل شرعها لمصلحته وسعادته المهم حسن تطبيقها، هذه الحدود مقررة ومؤكدة في الإسلام، ولكن مع ذلك جعل لها ضوابط متعددة حتى لا تُنفَّذ، فقال صلى الله عليه وسلم بما يشمل كل الحدود والعقوبات «ادرؤوا الحدود بالشبهات»([1]).

هذا خطابه للقضاة والمحامين وما قال بالشبهات فقط بل قال «ادرؤوا الحدود ما استطعتم»([2]) يعني ابذلوا كل الطاقات حتى لا تنفِّذوا قطع اليد ولا تجلدوا الزاني ولا تقتلوا القاتل فهذا التعليم النبوي القوي والتعليم العملي لدرء الحدود حتى لا تقام فلا تقطع الأيدي ولا يجلد الزاني حيث جاءه رجل يعترف بذنبه من الزنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلك قبلت لعلك لامست» فيقول الرجل: لا زنيت فطهرني لأنه لا يريد أن يلقى الله بالذنب ويريد الله أن يغفر له بالدنيا والتطهير بالرجم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ائتني غداً» فأتاه غداً واعترف نفس الاعتراف، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: «لعلك قبلت» (لأن هذا لا يوجب الرجم)، قال: لا زنيت فطهرني وظل يرده أربعة أيام والمذهب مصر بدافع إيمانه أن يتطهر من هذا الذنب والنبي يدفع الرجم بالشبهات، فسأل الحاضرين ليدرأ عنه الحد: «هل هو مجنون» قالوا: لا فحاول الرسول أن يسأله توضيح ما أذنب لحفظ حياته لعله يتراجع ليدرأ عنه الحد فأجاب نعم وبأوضح جواب، كان النبي يحاول أن يعمل له خمسين مخرجاً وحبلاً للنجاة، ولكنه لا يريد إلا أن يطهره بالرجم فقال صلى الله عليه وسلم: «خذوه فارجموه» فلما أسلمته الحجارة، قال: ردوني إلى محمد فما ردوه فبقوا يرجمونه حتى مات، فلامهم رسول الله وقال: «لو رددتموه»([3]).

إن الحضارة الغربية عرجاء تشبه إنساناً بلا مشاعر، طورت المادة وأهملت الإنسان، جعلت من الشمعة مصباحاً وحولت الدابة إلى سيارة ثم إلى طيارة وطورت السيف فصار بندقية ثم مدفعاً ثم قنبلة نووية مهلكة للبشر والحيوان والبيئة ولكنها لم تصنع شيئاً بإنسانية الإنسان بل ارتد بها إلى انتكاسة مادية مخيفة فأصبح يعيش أهم أيامه على الأرض من تسلط وقهر وشر صار قرننا طافح بالدماء والحروب والمآسي وعلينا الآن التعامل مع هذا الواقع.

إن الحضارة الغربية عرجاء تشبه إنساناً بلا مشاعر، طورت المادة وأهملت الإنسان

يجب أن نضاعف جهودنا وعلى أساس أطباء مرشدون برفق وأناة وعلم وحكمة.

حتى ننقذ أنفسنا ومن حولنا كما أراد الله لنا.

[1])) رواه الحارثي في مسند أبي حنيفة عن ابن عباس مرفوعاً.

[2])) جامع الأصول: 1932 / ج3/ ص602.

[3])) المستدرك: 1051 / ج4 / ص361، وصحيح البخاري: 6824 / كتاب الحدود / باب: هل يقول الإمام للمقر، لعلك لمست أو غمزت.

Order Online

Share via
Copy link
Powered by Social Snap