
البعض لا تنقصه الحقيقة

النفس والعقل الإنساني لا يمكنه أن يرفض الحقائق الإلهية التي سلمت من تشويه الإنسان
إن خلود القرآن إلى يومنا هذا وعدم تحريفه جعل كل من يطلع عليه ويفهمه يصل إلى الإيمان به ويستشعر أنه من خالق الخلق). كان الضيف يكتب كل كلمة يقولها شيخنا بعد أن يشرحها المترجم ويهز رأسه موافقاً لكل ما يقول، ثم قال: سبحان الله إننا غارقون في أمورنا العملية اليومية لذلك لا يتسنى لنا الوقت لننظر إلى أنفسنا كثيراً، حتى إننا لا نعرف كيف نسعد أنفسنا، فعلاً كنت تعيساً، فالجانب الروحي في حياتنا يكاد يكون معدوماً وهذا سبب بلاء كل المجتمعات الغربية. وتابع بانشراح: لقد سعدت بالإسلام حقاً، ولو تسنى للآخرين ما تسنى لي لنعموا بالصلة الإلهية. ثم أمسك يد شيخنا بحنان وقال: شكراً لكم، أنتم أحييتم روحي، وأعدتم التوازن لحياتي، أعدكم بالعودة مراراً حتى أزداد قرباً من الله وفهماً للدين، وادعوا لي أن أبلغ الرسالة إلى من حولي. قال شيخنا مبتسماً: (الكلمة الحقة الحكيمة قد تلقى في بداياتها صعوبة كأية ولادة، ولكن بعدها تتحول الآلام إلى فرح وسرور. لا شيء مقدس إلا الحقيقة، والله هو الحق، ويجب أن نبدأ ونقرر البدء بتعريف الآخرين بما يسعدهم حقاً). صمت الضيف مفكراً وهو يدون كلمات شيخنا في مفكرته ثم قال بتضرع: سؤال أخير يا شيخنا. سألت الكثير من رجال الدين عن موضوع التدخين، منهم من حرمه ومنهم لم يحرمه، بل جعله مكروهاً، وأريد أن أسألك ما رأيكم بالتدخين؟ ضحك شيخنا ونظر إليه ملياً وقال: (ما رأي العلم في التدخين). بهت الضيف، كان يظن أن شيخنا سيقول: حرام، أو لا بأس مكروه. قال الضيف بعد إطراقه: فعلاً العلم أثبت ضرره الشديد. فقال شيخنا: (الدين لا يتناقض مع العلم، بل يسترشد به ويتفق معه، إذا قال العلم أن هذا مضر، فالإسلام يقول: «لا ضرر ولا ضرار»([3]).الدين لا يتناقض مع العلم، بل يسترشد به ويتفق معه
وعلمت أيضاً أن الذي يستنشق رائحة الدخان مع أنه لا يكون مدخناً يحصل له ضرر كبير!). قال الضيف: هذا صحيح، هذه حقيقة علمية. قال شيخنا: (البعض لا تنقصه الحقيقة أو العلم، ولكن ينقصه تجاوز أهوائه وشهواته لينقاد للحق والهدى).البعض لا تنقصه الحقيقة أو العلم، ولكن ينقصه تجاوز أهوائه وشهواته لينقاد للحق والهدى
فقال الضيف: شكراً شكراً، جوابكم حكيم، فعلاً أنتم شيخ الحكمة. ودّع الضيف شيخنا ولامست شفتاه ركبة شيخنا وهو يقول: حماك الله للإسلام وأسعدنا بلقياك دائماً. ([1]) سنن أبي داود عن سالم بن أبي الجعد بلفظ: «يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها». ([2]) حلية الأولياء. ([3]) موطأ مالك، مسند أحمد.