Skip to content
الإسلام آخى بين الدين والعقل

الإسلام آخى بين الدين و العقل

الشيخ أحمد كفتارولقاء مع صحفي أمريكي 12/3/1996م

وصل الصحفي الأمريكي الضيف المزرعة، واستقبله شيخنا بحفاوته المعتادة.

قال الصحفي: لقد تشرفت كثيراً بسماحكم لي بهذا اللقاء.

رحب به شيخنا ثانية قائلاً: وأنا مسرور أكثر بهذا اللقاء عسى الله أن يجعله خيراً للإنسان في أمريكا، وفي العالم كله، إن ما يحيط بالعالم الآن من أخطار الأسلحة الحديثة من الأقوياء وتسابقهم على المكاسب المادية. كل ذلك يولد خطراً عظيماً فلو صارت حرب مع وجود كل هذه الأسلحة ستكون النتائج معروفة، والقانون الإلهي وحده قادر على منع هذا المصير، وهذا الشقاء لكل البشرية، ولا بد من التعريف بالإسلام وأنه ليس عدواً للإنسان ولا لشرائع السماء الأولى بل أتى لينعش شرائع السماء ويرفع عنها كل ما شوه جمالها ويعيدها إلى أصلها الأول، وقد جمع الله سبحانه كل تلك الشرائع في القرآن الكريم.

 

الأديان كلها تحتاج إلى إعادة نظر لإعادتها إلى شبابها وأصالتها وجمالها، فكل مالا يتفق مع مصلحة الإنسان الحقيقية وسعادته لا يدخل في إطار الدين مطلقاً لأنه أُدخل من قبل رجال الأديان ومصالحهم، وبتجاربي الشخصية ما رأيت إنساناً من اليابان إلى أمريكا كان سلبياً تجاه الإيمان الحقيقي.

قال الصحفي: طبعاً إلا أن هناك الكثير من الآراء المشوهة عن الإسلام في أمريكا فالكثيرون يظنون أن الإسلام لا يتسامح أبداً مع من لا يؤمنون بالله فما هي الحدود المرسومة الإسلامية فيما يتعلق مع غير المؤمنين من أتباع الديانات الأخرى؟

اعتدل شيخنا في جلسته وقال مبتسماً:

القاعدة العامة في الإسلام حرية المعتقد، كل إنسان حر فيما يعتقد، لذلك لما حرر الإسلام الشرق الأوسط من الاستعمار الروماني أبقى للنصارى كنائسهم وحرية عبادتهم مع أن الحكومة الرومانية كانت باغية على كل الطوائف المسيحية الأخرى فصادرت كل أوقافها لمصلحة الكنيسة الأرثوذوكسية وجاء الإسلام فأعاد للكنائس المضطهدة كل حقوقها المسلوبة وإذا تأملنا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مواقف منها وفد النصارى من نجران حاورهم رسولنا الكريم بما قاله تعالى في حقهم واستقبلهم في مسجده وقال: إن المسيح نبي وليس كما تعتقد الكنيسة وتلا عليهم القرآن { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }([1]).

كان الحوار معهم بكامل الحرية ولكنهم لم يتقبلوه وهذا شأنهم مع أن القوة كانت كلها بيده، ولكن حرية المعتقد في القرآن لا يخالفها أحد { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }([2]).

كان الصحفي يسمع ويسجل كل كلمة ثم قال لشيخنا رحمه الله: الآن بالنسبة للتسامح كيف يطبق اليوم؟

رد شيخنا مبتسماً: يوجد عقائد مختلفة في كل بلد إسلامي وكل منهم يعبد ربه على حسب عقيدته، في إيران يوجد كنائس للنصارى واليهود، وفي باكستان والإمارات وفي كل البلاد العربية.

تساءل الصحفي قائلاً: في الوقت الحاضر كما تعلمون يوجد الكثير من الصراعات والاضطرابات فهل تعتقدون أنه يوجد حل بالنسبة للسلام العالمي؟

شبك شيخنا رحمه الله أصابعه وقال بهدوء:

في القرآن الكريم القانون الإلهي أنزل الله حلاً لكل مشاكل الإنسان، الحل الإلهي لا ظالم ولا مظلوم، لا جائع ولا متخوم، لا عالم ولا جاهل بلا تعليم، الجار مسؤول عن جاره، والغني مسؤول عن الفقير، والحاكم مسؤول عن الرعية أمام الله، هكذا كان الإسلام.

 

كانت محاكم التفتيش في الغرب تحكم بالإعدام والقتل باسم المسيحية وباسم الدين لذلكَ بَعُدَ إنسان الغرب عن الدين، وإن كان بنظري لم يبعد ولكن كان ينقصه من يعرفه بحقيقة الدين.

 

الدين هو مجموع الفضائل التي جاءت بها كل رسالات السماء مما يحقق مصلحة الإنسان وسعادته، حرم الإسلام المخدرات والمسكرات والزنا والآن العلم والطب والصحة تحرم هذه الأشياء، الآن فهم الجميع سر التحريم الديني، والمؤمن آمن بكل هذه الأمور قبل أربعة عشر قرناً لذلك كان عصر الصحابة عصر الفضائل والأخلاق.

 

فالإسلام آخى بين الدين والعقل، حتى جعل التفكر في الكون وقوانين الحياة الطبيعية طاعات مقربة إلى الله وهذا أعطى للإسلام ميزة عن غيره من الأديان.

([1]) سورة آل عمران، الآية: (59).

([2]) سورة الكافرون، الآية: (6).

Order Online

Share via
Copy link
Powered by Social Snap