Skip to content
ولكن الضعيف لا يبقى ضعيفا

ألا بذكر الله تطمئن القلوب

دخلت الغرفة فوجدت شيخنا مغمضاً عينيه مستغرقاً في ذكر الله لم يشعر بدخولي انتظرت لحظات وصرت أتنفس عله يشعر بي كنت أخشى أن أزعجه، جلست بجانب السرير وأغمضت عينيّ ثم أطلَّت إحدى الأخوات برأسها فأشرت لها بالجلوس جانبي أغمضنا أعيننا ولفتنا السكينة وخيم السكون على الغرفة بل على المزرعة كلها وأصوات العصافير تزقزق من بعيد وكأنها: تردد رجع قلوبنا الله الله الله فارقتنا أرواحنا وكأنها عرجت إلى بارئها.

مضت أكثر من عشرين دقيقة  ثم تنفس شيخنا طويلاً مردداً الله الله إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي وفتح عينيه فرآنا رفع حاجبيه وقال متسائلاً: منذ متى؟ قلت له ضاحكة: منذ غادرتنا إلى أين لا أدري الله أعلم.

قال بحنان: بابا هذا كنزكم بقدر ما تغرفون منه بقدر ما تعطون وتسعدون، أرادت الأخت الخروج فاستوقفها قائلاً: الذكر يا بنتي نور يقذفه الله في القلب فيشع على النفس، فتعرفين عيوبك، وتبصرينها، ويعطيك طاقة لإصلاحها. أكثرنا يعرف عيوبه ويعرف ذنوبه ولكن لا إرادة له ولا قدرة على إصلاح نفسه وعلى العزم أن يبدأ في تغيير نفسه.

الذكر يقوي فيك الإرادة والعزم على الاستمرار، قرار عظيم يغير الحياة برمتها فالله يقول في الحديث القدسي: «أنا جليس من ذكرني…»([1])،  من جالس الله بقلبه وحواسه يفيض الله عليه من السعادات والخيرات لا يعرفها إلا من ذاقها، وبذلك تقوى شخصيتك ويمنحك الله إرادة تغيرين فيها مجمل حياتك فلا يكون أمامك حواجز ولا صعوبات. في صحة الجسد كلنا يعرف الغذاء والدواء ولكن الأهم صحة القلب وصلاحه فيعرف المؤمن ربه وصفاته فيكون مؤثراً لمرضاته متجنباً لنواهيه وسخطه، الذكر يعطيك القوة لتنتصري على نفسك وتتركي شهواتك والقلب هو حقيقة الإنسان وهو المدرك والعارف والمخاطب من الله لا يمكن أن يطمئن القلب ويكون لك السلام الداخلي إلا بكثرة ذكر الله ألم يقل الله تعالى: ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ([2]).

كان شيخنا أثناء حديثه يشع نوراً وطمأنينة وسعادةً وغمرتنا سعادة حقيقية لا يدركها إلا من ذاقها.

اغرورقت عينا الأخت مها بالدموع وخرجت تبكي سعادة وتضرعاً وتقول: حقاً أنا قوية وسأفعل المستحيل ليكون الذكر الكثير قرار حياتي ونبع قوتي.

 وهذا ما حققته بعد سفرها إلى كندا فحفظت كتاب الله وعلمته وبدأت بالدعوة إلى الله.


([1]) رواه الديلمي عن عائشة، والبيهقي في الشعب عن أبي بن كعب، ورواه الحاكم وصححه.

([2]) سورة الرعد، الآية: (28).

Order Online

Share via
Copy link
Powered by Social Snap